الشيخ عبدالرحمن الكرم
مولده و نشأته:
هو عبد الرحمن بن مصطفى بن حسن القرم، أو الكرم. ولد في حماة عام 1921م، وفي حي باب الجسر.
توفي والده وعمره أربع سنوات، فربته أمه مع أخته التي تصغره بنحو ثلاث سنوات.
ثم تزوجت أمه من رجل صالح هو الحاج أحمد بن عمر العمري، ولم تكن له ذرية، فكان يعامل الشيخ وأخته معاملة الأب الرحيم الحريص على ولده، ومن حسن حظ الشيخ أن زوج أمه الحاج أحمد كان محبا للعلم والعلماء، ولذلك ألحق الشيخ بمدرسة دار العلوم الشرعية بعد أن أكمل دراسته في مدرسة (عنوان النجاح)، ولم يكتف بذلك بل ألحقه بعدد من حلقات العلم في المساجد بعد دوام المدرسة، رغم حاجته لمن يعاونه في عمله حيث كان يعمل مزارعا، فقرأ الشيخ على كل من المفتي الشيخ سعيد النعسان، والشيخ توفيق الصباغ، والشيخ أحمد المراد ابن الشيخ سليم، والشيخ بشير المراد والشيخ زاكي الدندشي، والشيخ محمد الحامد وغيرهم رحمهم الله تعالى.
وبقي ملازما لدرس الشيخ محمد الحامد الصباحي في الجامع الجديد، والذي كان خاصا بطلاب العلم، وحتى توفي الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى.
وبعد أن أتم دراسته في دار العلوم الشرعية كان زوج أمه الحاج أحمد حريصا على إرساله إلى الأزهر في مصر، إلا أن الأجل وافاه، فاضطر الشيخ للبقاء مع أمه لإعالتها، وبذلك انتهت دراسته النظامية، ولكن لم ينقطع عن حلقات العلم الشرعي في المساجد والمطالعة الشرعية الخاصة.
تزوج إحدى قريباته من عائلة العمري، وأنجب عشرة أولاد، وحرص على إلحاق أبنائه بمدرسة دار العلوم الشرعية. ومما قرأه الشيخ في حلقات المشايخ: (حاشية ابن عابدين)، و (حاشية الزيلعي على كنز الحقائق) و (الفتاوى الهندية)، وغيرها من كتب الفقه الحنفي.
تولى الإمامة والخطابة والتدريس في مسجد أبي الفداء، وهو في أوائل العقد الرابع من عمره، وبقي فيه إلى عام 1982م. وفي عام 1961م كان له الفضل في إعادة بناء القسم الغربي من مسجد أبي الفداء الذي انهار بناؤه منذ مدة طويلة، وقد أشرف على البناء المهندس عبد القادر سلطان رحمه الله.
وفي عام 1982م تولى الإمامة في جامع النوري، والخطابة في جامع السلطان، وبقي فيه إلى وفاته، وقد أصبح في هذه الفترة مرجع الناس في المسائل والفتوى داخل المدينة وريفها.
مما اشتهر به رحمه الله تعالى الحرص على إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أهل بيته أولا، ثم قي أقاربه وجيرانه، وفي أي مجلس حضره، بل وفي الطريق والأسواق، وينكر على النساء التبرج والسفور، ويأمرهن بالحجاب.
كانت له دروس كثيرة في الوعظ والإرشاد والفقه والحديث والتفسير في مسجد أبي الفداء، وثلاثة دروس أسبوعية للنساء في أكثر من مسجد، وإضافة إلى درس أسبوعي في السلمية بعد صلاة الجمعة وبقي هذا الدرس عدة سنوات، كما كانت له دروس أخرى غير منتظمة في عدد من قرى محافظة حماة. كان له باع طويل في إصلاح ذات البين، وخاصة المشاكل الأسرية، ولذلك كان القاضي الشرعي يحول له كثيرا من المشاكل المستعصية في التحكيم بين الزوجين، وكان يكتب عقود الزواج. حج الشيخ قريبا من عشرين حجة، أكثرها كانت حجا عن الغير، وكان الناس يحرصون على مرافقته ليقتدوا به، ويسألوه عن أحكام الحج، وكان يحرص على لقاء العلماء في مكة والمدينة وخاصة الشيخ علوي المالكي في مكة.
ومما اشتهر به الشيخ جودة الخط، ولذلك كان الشيخ محمد الحامد يعهد إليه بتبييض كثير من الفتاوى والرسائل والتحقيقات التي يكتبها.
وفاته:
توفي رحمه الله في حزيران 1989م فحزن عليه الناس، وصلي عليه في جامع أبي الفداء، ثم شيع إلى مقبرة الصفا شرق المدينة، رحمه الله تعالى.
____________________________________________________
كاتب الترجمة: من كتاب / من مشاهير و علماء حماة / للأستاذ عبد المجيد الشققي