الشيخ عبدالرزاق علي خير الله

مولده و نشأته:

الشيخ عبد الرزاق بن علي خير الله، ولد في حماة حي الباشورة بحدود عام 1885م، ونشأ بها وحضر دروس علمائها، ولازم العلامة الشيخ «سعيد النعسان» صاحب العلوم والمعارف، والمربي الكبير، واستفاد منه كثيراً علماً وأدباً وسلوكاً، وكان كثيراً ما يستشهد بأقواله، ويقتدي به بسمته، كما رافق الشيخ النعسان في أوراده وأذكاره، وعمل معه في أعمال البر والخدمات الاجتماعية والإنسانية، حيث صار عضواً في أول مجلس إدارة«جمعية أعمال البر الإسلامية» مع كل من الشيخ «محمود العثمان» و «قدري الكيلاني» والشيخ «خالد الزعيم» والحاج «فارس الشققي» ومؤسسها الشيخ النعسان.

كما صار عضواً في «جمعية دار العجزة» مع كل من «عبد الحميد قنباز» ووالدي الحاج «منير الشققي» و «عبد الرحيم الأحدب» و «الجلاغي» وغيرهم، والتي أسسها الشيخ «سعيد النعسان».

واستمر عمله كعضو في جمعية أعمال البر ودار العجزة لمدة طويلة، ولما كبر سنه، تولى العمل بدلاً عنه في هاتين الجمعيتين ولده الحاج «علي خير الله» حيث كان المذكور من الدعاة العاملين، ومن أصحاب الهمة في أعمال البر والخدمات الاجتماعية.

عمل المترجَم إماماً وخطيباً لجامع المصلى في حي الباشورة لمدة طويلة، حتى صار يعرف المسجد باسمه، ثم استلم فيما بعد إمامة وخطابة جامع «القان» في الحي نفسه، وفي كلا المسجدين، كانت له ثلاث حلقات يومية مستمرة، بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة العصر، وبين المغرب والعشاء لتعليم القرآن الكريم وتجويده مع شيء من مبادئ اللغة العربية والتفسير – تفسير الجلالين – وقد كان في تدريسه وتعليمه مثال المعلم النشيط والهمة العالية، … فقد كان مثالاً يقتدى في تربيته وتعليمه، سواءً في توجيهه إلى مكارم الأخلاق وشؤون الدين نظرياً وعملياً، وكان يترك لتلامذته الفرصة والفسحة لأخذ الراحة والاستجمام، إضافة إلى سمته في نفسه، حيث كان في ذلك قدوة وما زال العدد الكبير يذكرون له فضله في ذلك عليهم.

وقد سلك في ذلك مسلك شيخه النعسان الذي كان كثير التردد عليه حتى وفاته، وإن لم يكن وصل إلى علمه، إنما كان من المعلمين والمربين الأوائل إضافة إلى عمله في شؤون الدعوة والخدمة الإنسانية بكل ما يستطيع من جهد، هذا بالإضافة إلى عمله الدنيوي في تربية الأغنام وتجارتها مع البدو، كما كان يعمل وكيلاً ومحاسباً لعدد من آل العظم على أملاكهم لأمانته وحسن أخلاقه وصفاء ذهنه ولم يتزىّ بزي العلماء بالعمامة البيضاء، وإنما كان متعمماً بعمة الغباني فوق الطربوش الأحمر، ويلبس البنطال أو القنبار وفوقه معطف طويل إلى ما تحت الركبة.

حليمٌ وقورٌ عاملٌ بالخير، لا تقعده همة ولا يفتر له عزم، خفيف الظل قليل الكلام إلا في الخير وكان إذا كلّمه أحد وأطال يقول له: اختصر.

ولا يطيل في خطبته، فقد كانت قصيرة مفيدة.

كثيراً ما كان يتردد إلى مضافة والدي الحاج منير الشققي صباحاً مع عددٍ من العلماء كالشيخ «سعيد النعسان» والشيخ «توفيق الصباغ» والشيخ «أحمد المراد الأول» وفيما بعد الشيخ «عبد المجيد العصار» والشيخ «عبد اللطيف الشيزري» والشيخ «عبد العزيز المراد» والشيخ «عثمان الحداد» والشيخ «محمد القواس» والشيخ «محمد علي الشقفة» وغيرهم، حيث كان لا يطيل في الزيارة على عادته من خفة دمه.

وفاته:

وكان هذا دأبه بكل همة عالية، ونشاط إلى أن توفي في عام 1982م عن عمرٍ قارب المائة سنة حيث بقي متوفياً في بيته عدة أيام لعدم استطاعة أهله وذويه دفنه.

ومن أولاده الدكتور «صلاح خير الله» والذي تخرج من كلية الطب، وافتتح عيادة له في دمشق، وبقي مقيماً فيها مع تردده كل فترة، وفي الأعياد إلى حماة، فقد كان الدكتور إضافة إلى عمله في الطب يعمل في حقل الدين والدعوة إلى الله، فإن كان بيته ملاذاً لعددٍ من الدمشقيين يقرؤون في كتب الفقه والتصوف، وإقامة حلق الذكر حتى صار من أعيان دمشق يشار إليه هناك وتوفي في أواخر الثمانينيات بعد والده رحمهما الله تعالى.

_____________________________________

كاتب الترجمة: من كتاب / من مشاهير و علماء حماة / للأستاذ عبدالمجيد الشققي رحمه الله