أحمد علي فاضل
ولادته و نشأته:
ولد أحمد علي مصطفى فاضل في حماة عام 1906م جعبة هذا الرجل مليئة مثيرة جمة المآثر في العطاء الإنساني والاجتماعي والحضاري !
ففي عام 1933م ، أنشأت شركة هولندية أول مصنع في دمشق للإسمنت في ناحية دمر ..
كان الإسمنت مادة جديدة لا يعرفها الناس في تلك الآونة؛ وقد وقف منها المعمار السوري موقف الحذر المشكك فيها وأطلق عليها أي على الإسمنت اسم (التربة الإفرنجية) ..
ولم يتم التعامل بها إلا من قبل الشركات الحكومية والفرنسية فقط في عمارة بعض المنشآت العامة وليس جميعها !!
دخل الإسمنت مدينة حماة كسلعة معروضة للبيع والاستخدام تقريباً بعد عام من افتتاح المصنع الهولندي بدمشق !
إلا أن الناس لم يتعاملوا مع الإسمنت مباشرة ولم يرفضوه واقترح السيد أحمد فاضل إخضاع الإسمنت للتجربة العملية فقرر مع بعض المعماريين أن يصنعوا منه سوراً على أطراف جسر المراكب قبالة مقصف الغزالة لتجربة مادة الإسمنت، فصبوا به سور جسر المراكب (الدرابزون) وقاموا بإلقاء ثلاث صبات إسمنية كبيرة في المكان نفسه على طرف العاصي لتغمرها الماء وتركوها كفترة تجريبية و(هي لم تزل موجودة حتى يومنا هذا)
وتم الانتظار أربع سنوات وهي الفترة التي أقرها أرباب المهن في ذلك الوقت كفترة تجريبية لمقاومة الإسمنت في الماء ! وانتهت الفترة ونجح الإسمنت في اختباره ولكن لم يجرؤ الناس في استخدام التربة الإفرنجية (الإسمنت) لبناء بيوتهم رغم أن السرايا والساعة القديمة ومركز البريد ومدرسة السيدة عائشة كانت فرنسا قد أنشأتها بالإسمنت!
وهنا انبرى المرحوم أحمد فاضل وقام بإنشاء بيته كأول منزل في حماة في منطقة الحاضر مستخدماً مادة الإسمنت والحديد المسلح وقام ببنائه طابقين وقد أنجز البناء في تلك الفترة كبير المعماريين المرحوم المعمار الحاج محمد الحارس، ولم يزل البناء قائماً كقلعة من الطود الراسخ في حي الشرقية حتى يومنا هذا !
فكان ذلك مشجعاً ! وسرعان ما انتشر استخدام الإسمنت من قبل عامة الناس ودهمائهم انتشاراً سريعاً واسعاً ..
كان للمرحوم السيد أحمد فاضل اليد الطولى في تشجيع الناس على ذلك !
وفي عام 1938م وقع جسر الهوى في منطقة باب الجسر وتهدم كاملاً بسبب فيضان نهر العاصي وكان أهل حماة يعانون من انهدام الجسر في كل سنة يفيض فيه العاصي ولكن سرعان ما تعهد السيد أحمد فاضل بإعماره وتكفل باستمراره ومقاومته لأي فيضان بعد ذلك فقد أعاد حسابات تصميمه ووضع تصميمماً جديداً مدعماً واعتمد الإسمنت لأول مرة في بنائه وجلب عدداً من الغواصين من الساحل السوري حيث استطاعوا تحويل مجرى العاصي لجهة أخرى ريثما يتم بنائه وأوكل عملية البناء للحاج محمد حارس، فكان الجسر جسر الهوى آية في الجمال ولم يزل قائماً حتى يومنا هذا !
وفي نفس الفترة وفي عام 1932م أدخلت شركة فرنسية الكهرباء إلى مدينتي حماة وحمص وتعرف الناس إلى الكهرباء لأول مرة في حياتهم، وبدأ البعض منهم باستخدامها وعندما توسع انتشارها في البيوت كانت هناك حاجة ماسة إلى إيجاد أماكن لبيع أدوات الكهرباء والإنارة كالمصابيح وغيرها؛ إذ كان الناس يسافرون إلى بيروت لشراء ما يحتاجون من مصابيح وأدوات كهربائية
فقام المرحوم السيد أحمد فاضل بافتتاح أول محل لبيع أدوات الكهرباء والإنارة في مدينة حماة في سوق الحاضر مما ساعد في تلك الفترة على انتشار استخدام الكهرباء كظاهرة حضارية ! كان له قصب السبق بها.
ومن مآثره في تلك الفترة قبل وبعد إنتهاء الاحتلال الفرنسي وعند البدء بتشكيل حكومة سورية بعد خروح فرنسا أنه جعل بيته في حي الشرقية مضافة كبيرة يستقبل به الوفود والوجهاء والمتفاوضين مع الفرنسين المحتلين، اذ لم تكن فكرة الفنادق العامة منتشرة في تلك الايام !
كان رحمه الله ذا هيبة ووقار لا صنو له في هيئته و محياه بين مجالس الرجال ! فهو أول رجل يلبس الطربوش الأحمر كرمز للوجاهة والتميز الاجتماعي !
كان من أوائل من أنشأ الجمعيات الخيرية ووضع أسسها وأفكارها وساهم بها صامتاً عبر مسيرة حياته كلها بالإضافة أنه كان يحل مشاكل الناس وينهي خلافاتهم على حسابه الخاص !
كم يطول عن الحديث لو أردنا الاستفاضة !!
وفاته: توفي عام 1981م .
أحمد فاضل أحد الرجال الذين عاشوا صامتين وقدموا ورحلوا صامتين
وآثارهم باقية تتكلم
لأمثال هؤلاء ترفع القبعات وتنحني الهامات إجلالاً وتقديراً
رحمه الله وأكرم نزله.
______________________________________________
كاتب الترجمة: محمد فاضل