الشيخ محمد زاكي الدندشي

مولده و نشأته:

الشيخ محمد زاكي الدندشي هو الفقيه الأصولي البارع، واللغوي المتقن، والفرائضي الحاذق، شيخ الشيوخ، وشيخ الحنفية في وقته في حماة.

ولد عام 1312هـ=1892م، والده : أحمد الدندشي، الحموي المولد، يعود أصله إلى عرب بني خالد (بطن الغنام) في تلكلخ، ولد الشيخ زاكي في عائلة متواضعة الحال، عرفت بالتدين والصلاح، كان والده أحمد فقير الحال، محباً للعلماء، مواظباً على حضور مجالسهم، وخاصة مجالس الشيخ محمد علي المراد، وكان يتمنى أن يرزقه الله ولداً ويعلمه العلوم الشرعية، ويكون من هؤلاء العلماء الأجلة.

يروى أن والده أحمد رأى في منامه رؤيا أثناء حمل والدته فيه أنه رزق مولوداً يحمل سيفاً، فتفاءل بهذه الرؤيا في أن ينشأ هذا الولد الوحيد على حب العلم وأهله.

لما بلغ الشيخ زاكي السادسة من عمره أرسله والده إلى كتّاب الشيخ محمود الحامد ـ وهو والد الشيخ محمد الحامد ـ ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم، ثم رغب والده أن يتابع ولده تحصيل العلم الشرعي، ولم يكن الحال المعيشي يسعفه للإنفاق عليه، فحمل ابنه محمد زاكي إلى الشيخ محمد علي المراد ووضعه بين يديه ليتولى تربيته وتعليمه، بقي الشيخ زاكي عند الشيخ محمد علي المراد يتعلم العلوم الشرعية والعربية والأخلاق، ولاحظ الشيخ نبوغه المتفرد وخاصة في الفقه.

بعد وفاة الشيخ محمد علي المراد تولى تربيته ومتابعة تعليمه الشيخ أحمد مراد الكبير، وأخذ عنه جل العلوم من فقه حنفي، ولغة عربية، وتصوف، ولما ظهر نبوغه في الفقه واللغة ازداد حب الشيخ أحمد له، وأدرك أنه سيكون له شأن في العلم فشجعه على متابعة الدراسة .

شيوخه:

ذكرت أن شيخه الأول الشيخ محمد علي المراد، والشيخ أحمد المراد الكبير، وقرأ الفقه الحنفي على الشيخ عبد القادر اللبابيدي، ودرس الحديث الشريف ومصطلحه على الشيخ محمد علي الدلال، ودرس علوم النحو والفرائض والعقيدة على الشيخ محمد أديب الحوراني، ودرس أيضاً على مجموعة من علماء حماة في عصره.

وانكب على مطالعة الكتب الشرعية، ويحقق معانيها، ويدرك مقاصدها ومراميها بهمة لا تعرف الملل حتى فتح الله عليه، وعرف فضله ونبوغه عند شيوخه، وبرع بين أقرانه وخاصة في الفقه الحنفي، حتى أقر له شيوخه واعترفوا بفضله.

ويروى أن الشيخ أحمد سليم مراد الكبير سئل عن خليفته بالفقه الحنفي وهو على فراش الموت فأوصى بأن يرجع إلى الشيخ زاكي، لما وجده عنده من إتقان للمذهب الحنفي، وفهم لدقائقه، وهكذا استمر في طلب العلم بشغف واضح حتى حقق فيه غايته، وحصل على إجازات من كبار شيوخ عصره.

لازم حضور مجالس الذكر عند شيخه أحمد المراد، وكذلك مجالس الشيخ أبي النصر خلف، عند تردّده إلى حماة، فزكت روحه، وسمت أخلاقه، فعرف بالهدوء والسكينة والوقار، ووثق الناس بعلمه.

أعماله ووظائفه:

عمل في التدريس الرسمي في دار العلوم الشرعية فكان يدرس الفقه الحنفي والفرائض والأصول والعقيدة فانتفع به كثير من الطلاب، كما أنه درس في المساجد حيث كان له درس يومي بعد الفجر في جامع الأربعين في حي العليليات يدرس فيه الفقه الحنفي، وبعض كتب النحو، كما كان له درس يومي بعد العصر في الجامع الجديد في سوق المنصورية ـ سوق الطويل ـ .

كان يطالع أكثر من أربعة عشر ساعة في اليوم رغم كل مشاغله من تدريس ووعظ وإمامة وخطابة في جامع الأربعين.

صفاته:

 كان متواضعاً دمث الخلق، يحترم العلماء، ويقدّر مكانتهم وفضلهم، وكان يحترم فتاوى الشيوخ في عصره سواء كانوا من أقرانه أو تلامذته، كان عفيفاً فقير الحال، يروى أنه في شبابه عمل خادماً في جامع المسعود حتى فرّج الله عنه باستلام إمامة وخطابة جامع الأربعين، ومن ثم التدريس الرسمي في دار العلوم الشرعية.

من تلامذته:

 الشيخ محمد الحامد، والشيخ محمد منير لطفي، والشيخ سعيد العبد الله شيخ القراء في حماة، والشيخ عبد الرحمن الكرم، والشيخ عبد الرحمن السبسبي، والشيخ حسن الدندشي، وغيرهم كثير.

وفاته:

عرف ـ رحمه الله تعالى ـ بسرعة استحضاره للمسائل ودقته في الجواب، بقي مثابراً على نشاطه العلمي حتى مرض في آخر حياته، واختلط في السنوات

الأخيرة، فاعتزل الناس، إلى أن توفي عام 1980م، ـ رحمه الله تعالى ـ

_____________________________________________________

كاتب الترجمة: الشيخ محمد أديب كلكل