الشيخ احمد محمد درويش
الشيخ أحمد محمد درويش
مولده و نشأته:
هو أحمد بن محمد درويش ، الشيخ الفقيه العلامة النحوي اللغوي العروضي الخطيب ، والإمام ، الشافعي الحموي الولادة والمنشأ والوفاة ، ولد في حماة عام (1893م) ، وتوفي والده وهو طفل لم يبلغ ثلاث سنوات، فنشأ يتيماً في كنف إحدى عمّاته وأدخلوه الكتاب، ولما يفع أخذ يتردد على الجامع النوري، ويحضر حلقات درس مفتي حماة الشيخ محمد سعيد النعسان الوردي، ولفت نظرَ المفتي ملامحُ نبوغ الفتى وذكائه، فاهتم برعايته وتعليمه الفقه واللغة والنحو والشعر، حتى إذا ما استقام له من ذلك قدر مغن أوكل إليه تعليم النحو العربية في مدرسة أنشأها المفتي الشيخ سعيد النعسان في حي الباشورة ( مدرسة عنوان النجاح ) فقام بذلك خير قيام مع متابعة الأخذ والعلم.
وحين جاء الشيخ طاهر الجزائري العالم المصلح المشهور إلى حماة، وأقام فيها مُتَّخذاً الجامع النُّوري سَكَناً له، لازمه الشيخ أحمد وخدمه وأخذ عنه وعمل بنصائحه ، وبقي يلازمه كظله حتى ترك الشيخ الجزائري حماة، وقد عانى التجارة إلى جانب متابعة العلم والتعليم، وكان له في حي الحاضر متجر يتجر فيه في حال فراغه من التدريس، ويتخذ منه ملتقى للأدباء والعلماء المستفتين حيث يتصدر للإفتاء دون معلوم، ويفض المنازعات بين الناس لعلوّ منزلته بينهم، وكان يُعمل في القضايا الفقهية فيها رأيه مجتهداً، وينعي على مشايخ المدينة وفقهائها في عصره وقوفهم عند حرفية النصوص.
وحين جاء المجاهد الشهيد سعيد العاص المستشهد عام (1936م) إلى حماة أثناء الحرب العالمية الأولى التقى به ونشأت بينهما صداقة مؤكدة ، ثم أسسا مع الأستاذ عبد الرحيم الغزي ـ رحمه الله تعالى ـ في حي الحاضر مدرسة للأيتام أسمَوْها ( ملجأ الأيتام ) تكفل الأطفال الأيتام الفقراء وتعليمهم وتعيلهم خمس سنوات حتى ينالوا الشهادة الإبتدائية ، تقدم لهم الطعام واللباس وما يلزمهم من حوائج الدراسة ، وينامون في المدرسة ، واعتمدت في ذلك على ما يتبرع به أهل البرّ والإحسان ، وعلى ما يتقاضاه من أجر تلاميذ أهل اليسار الذين يتلقون تعليمهم في المدرسة بأجر ، ثم أوكل إلى المرحوم الأستاذ عبد الرحيم الغزي إدارة المدرسة واستمر فيها إلى أن توفي عام (1946م) ، وكان الشيخ أحمد يساعده في ذلك بتدريس التلاميذ العربية والعلوم الدينية ، ولما اتسعت وزاد عدد تلاميذها من الأيتام وغيرهم اتخذ لها داراً في حي السوق من المدينة.
وانصرف الشيخ أحمد إلى التدريس فيها وترك ما دون ذلك من الاعمال، واستمر معلماً في ملجأ الأيتام ما يناهز خمسة وأربعين عاماً، كما أخذ يدرس العربية في ثانوية السيدة عائشة للبنات ، وفي الثانوية الصناعية، وأقام على ذلك حوالي عشرة أعوام ، وكان منذ شبابه متولياً خطابة جامع العبيسي في حي البارودية، وقام بذلك مدة طويلة، ثم انتقل إلى جامع الحميدية وهو قريب من بيته فتولى الخطابة والإمامة فيه إلى أن ترك حماة وانتقل إلى دمشق، وفي عام (1964م)، ترك التدريس ولم يبق في يده إلا الخطابة والإمامة في جامع الحميدية، ولزم منزله عاكفاً على القراءة والتأليف وترك عدداً من الكتب والرسائل منها الفتاوى ، ومنها في العروض، ومنها اختيارات أدبية وشعرية استدرك فيها على كتاب (العقد الفريد) لابن عبد ربه، ومنها في النحو والإعراب ، وهي لا تزال بخطه في مكتبته، وكان يعقد مجلساً للدرس من بعد صلاة العصر يوم الجمعة يحضره نفر من فقهاء المدينة وأدبائها ويستمر حتى صلاة المغرب واستمر على ذلك حتى عام (1968م) فانتقل إلى دمشق وأقام عند ولده عدنان، وكان بصره يأخذ في الضعف سريعاً حتى كاد أن يكف، فحرم من القراءة، واكتفى بما يقرؤه له ولده حين فراغه، واعتزل الناس فأخذ نفسه بالعزلة أخذاً شديداً، وبقي على ذلك حتى عام (1978م)،
وفاته:
وحين عاد إلى حماة للزيارة عند ابنه محمد في حي الحميدية، أقام شهراً فقام يوماً ليتوضأ فزلت قدمه، ووقع فانكسر عظم فخذه، وعانى من ذلك غاية في الشدة والألم وهو صابر محتسب حتى وافاه أجله ـ رحمه الله تعالى ـ يوم الجمعة 24 من ذي الحجة 1398هـ الموافق 24 ترشين الثاني 1978م وكانت جنازته مشهودة، ودفن في مقبرة الصفا في حماة ـ رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته آمين.
كاتب الترجمة: الشيخ محمد أديب كلكل – كتاب الأنيس في الوحدة