الشيخ علوان

الشيخ علوان

 

من هو الشيخ علوان :

هو علي بن عطية بن الحسن بن محمد الحداد الهيتي الحسيني الشافعي الصوفي الإمام العلامة الفهامة شيخ الفقهاء والأصوليين وأستاذ الأولياء العارفين علم من أعلام القرن العاشر الهجري ، كان واحدا ممن تحدث عنه الناس وشغلهم سنين طويلة بعد مماته فهو شخصية فذة ومجددة ربطت العلم بالعمل ، جددت أمر الدين ووقفت من الأحداث التي مر بها المسلمون موقفا مشرفا يسطع بالحق وينطلق من أصول الدين ولايبالي في الله لومة لائم . نقض ضلالات عصره وظلم الانسان للإنسان وظلم الحكام للمحكومين ودعا إلى التمسك بالدين ومكارم الأخلاق والسلوك الرفيع .برع في علوم الدين والفقه الشافعي فله الفتاوى الفريدة التي تصدت للظلم والفساد فهو مجدد ومصلح إجتماعي وصاحب المؤلفات الكثيرة .

مولده:

ولد الشيخ علوان في مدينة حماة في سورية في محلة باب الجسر تحت ظل سلطة المماليك ( 873 هـ الموافق 1468م) وامتدت حياته حتى عام ( 936هـ الموافق 1530 م ) إبان الحكم العثماني وتحت حكم السلطان سليم الأول , وقد نزح جده الثالث إلى مدينة حماة من هيت في العراق بعد أن إجتاح المغول حاضرة الخلافة الإسلامية طلبا للأمن والإستقرار، حيث يؤكد النجم الغزي وابن الحنبل هذا الانتقال للكثير من العائلات، وله ذرية كثيرة إنتشرت في مدينة حماة المكان الرئيسي لتواجد العائلة ومحافظات آخرى في سوريا ومناطق متعددة من الوطن العربي والعالم حيث عمل أبناؤه على نشر علوم الدين في المناطق المختلفة ومنهم علماء فضلاء وأحفاد عملوا على نشر الدين في بقاع مختلفة من العالم .

كانت ولادة “الشيخ علوان” في محلة “باب الجسر” الذي كان يسمى سابقاً “باب الهوى” حيث نشأ وظل فيها حتى صار واعظاً، مصلحاً ومحدثاً، ولقي معاداة أهل الجسر لأنه تصدى لأخطائهم وفسادهم، ثم أصبح في أحد الأيام فرأى مسجده مهدماً ولا قوة له على دفع هادميه فرحل إلى محلة “العليليات” وقضى فيها بقية حياته. ويظهر أن أهل باب الجسر قد تجاوزوا الحدّ في أذاهم للشيخ، وأغرى سفهاء الحي صبيانهم به، فاتهموه بالجنون ودعى على ظالميه وكانت دعوته مجابه حيث قال فيهم أبياتاً من الشعر منها :

يافـــــــارج الهم فـرج مابليت بـــــه **** مالي ســـــواك لهذا الهم فراج

يارب قام العدى يسعون في تلفي **** فرد ظلمهم و اجعلنـي النــاجـي

إلهــي أدعـــوك بالأبدال كـــن وزرا ****  وكهف حفظ لهذآلخائف اللاجــي

إلهي أدعـوك بالهـادي البشر ومن **** رقى إليك بإســـــراء ومعــــــراج

أنزل عليهم وشـــــــــيكا منك قارعة **** تبيد أثـــارهم من بعــــــد إخراج

وقد أصاب أهل “باب الجسر” فيضان غطى كل منطقهم، فقالوا وقتها : « إنها دعوة الشيخ “علوان” أصابتنا

وإزداد نجم الشيخ علوان في السطوع وأصبح ملجأ القوم في بلاد الشام وفي حماه خاصة وحلب ودمشق لعلومه وفقهه وفضله ومؤلفاته الغزيرة والمخطوطات الكثيرة، وكراماته وقد كان رحمه الله لايخشى أحدا في الحق ، ولم يتملق للحكام وذوي السلطة والجاه بل كان مع الحق ونصرة الدين والسنة والمظلومين . إنتقد الشيخ علوان حكم السلطان العثماني سليم الأول وخاطبه بقوله:

يـــــا أيهــا الملك المؤمـــر قــــــــادة حـــــــادوا عـــن التنزيــل و القـــرأن

هــــــلا كشفت عــن البلاد بـكاشــف مــــاحل مــــن جـــور ومـن عــــدوان

كــــانت نفوس الخلـق تـرجـو عدلكم واليـوم قــــد يئست مـــــن الاحسان

أأمنت رب العرش يسلبك الــــــــذي قـد نلت مــــن عـــز ومــــن ســلطان

الملك لايبقـــــى لـــــــذي ظلـم وقد يبقى على طــــــول لـــــذي كفــران

قالوا عن الشيخ علوان :

قال الشيخ علي بن ميمون عن الشيخ علوان (إنما أنا رجل علمت بوجود كنز في بلد فأردت أن يتم الإنتفاع به فجئت إليه فإستخرجت مافيه ثم دللت الناس عليه ومضيت في سبيلي )

وقال أيضا ( استمسكوا بهذا الرجل ، فو الله ليسخرن الله له ملوك الأرض اعتقادا وانقيادا ، وليملأن ذكره البلاد شرقا وغربا )

وقال عنه نجله الشيخ محمد بن الشيخ علوان في كتابه تحفة الحبيب ( لا يبعد أن يكون الوالد هو المجدد إذ الشروط المذكورة في المجدد موجودة فيه من مضي المائة وغيرها ) وهذا الإختصاص للأمة الإسلامية حيث ورد في الحديث الشريف أنه يبعث على رأس كل مئة سنة مجددا لأمر دينهم وقد مضت تسعمائة وهو فيها ودخلت العاشرة وهو فيه يشار إليه بالعلم ونصر السنة وجمعه بين كل علم وعمل

ويقول أيضا أنه كان صادحا بالحق ، لايخاف لومة لائم ، صادق النية لايخاف من بطش ظالم ، مبسوطا قلمه ولسانه في ميادين البيان وقد عم علمه أغلب أهل زمانة وهو متفرد لما عليه من الكمال صحيح الدراية حافظ أدلة التحقيق في الحديث والرواية راشد مرشد سعيد مجاب الدعوة يناصر الحق بجد وقوة .

و من الذين أشادوا بفضله من رجالات حماه نوري باشا الكيلاني في قصيدة القسطنطينية التي نظمها متشوقا إلى حماه فقال فيه :

وبـأحمــــد البــــدوي وابن عطية علوان ذو المصباح في علياها

كما ذكره الهلالي شاعر حماه بل شاعر بلاد الشام في عصره في قصيدته الرائية المطولة حيث قال :

سل سيدي علوان عن عنوانها لمـــــا عليهـــــا بالدعـــــاء أشـار

كرامة للشيخ علوان نقشت على عامود بالجامع الكبير

وقد حصل له هداية الكثيرين من الضلال وقد أقر بفضله كثير من العلماء وورد ذكره في معظم مؤلفات هذا القرن وقد نقش على أحد الأعمدة في الجامع الكبير في حماه اسم الشيخ علوان منعوتا بالشيخ الصالح الزاهد المبارك علاء الدين .

وفاته:

عاش الشيخ علوان ثلاثا وستين سنة فقد توفي سنة ( 936هـ الموافق 1530 م ) وبينما هو يقوم بالصلاة سلم روحه الطاهرة لخالقة ودفن في مدينة حماة في زاوية تحمل اسمه في محلة العليليات وأمامها قنطرة تعلوها كتابة شعرية تشير إلى مقامه الكريم وتاريخ وفاته وذلك في عهد السلطان سليمان القانوني ويذكر أن الناس صلت عليه صلاة الغائب في الجامع الأموي الكبير في دمشق وعندما عرض خطيب الجامع الأموي على ذكره انتحب الناس بالبكاء عليه .

كاتب الترجمة: عن مدونة ياسر عرواني