الشيخ محمد ظافر المراد
الشيخ محمد ظافر بن الشيخ محمد علي المراد الأول
ولادته ونشأته وطلبه العلم :
ولد الشيخ محمد ظافر المراد في حماة سنة 1309 هـ – 1889 م ، وقد تربى وترعرع في كنف والده الشيخ محمد علي المراد الأول ، وطلب العلم الشرعي على يد والده وعلى يد عمه الشيخ أحمد المراد ، وكانت البيئة التي نشأ بها لها أكبر الأثر على حياته العلمية ، فالدروسُ العلمية قائمةٌ بشكل خاص وعام في المسجد وفي البيت وغيرهما ، والفتاوى والأسئلةُ الشرعيةُ لا تنقطع ليل نهار من داخل البلد وخارجها ، وكذلك المناسخات الشرعية التي لا تنقطع ، فكان الشيخ يعيش مع والده وعمه هذه الحياةَ العلميةَ العمليةَ ، وكثيراً ما يطلب منه أن يراجع بعض البحوث في مظانها ، ويقرأَها لهم ، وقد يكتبها لهم كما هو المطلوب ، وأحياناً يُطلب منه أن يصليَ إماماً ، أو يدرِّسَ في المسجد ، أو يذهبَ لقرية ليخطبَ الجمعة ويدرِّس بعدها ، وكذلك يوم العيد لصلاة وخطبة العيد ، وكلما سئل سؤالاً من العامة يحفظه ويكتبه ويراجعه ، وإلا فيسأل والده أو عمه ، ليتدرب على معرفة الجواب لكل سؤالٍ في الفقه أو التفسير أو الميراث أو النحو .
وظيفته وأعماله :
تسلم الشيخ محمد ظافر درس المسجد بعد الظهر والمغرب في الجامع الجديد بعد وفاة والده الشيخ محمد علي المراد الأول ، وبقي سنوات في إقامة الدرس في المسجد ، حتى أصابه مرض منعه من الدرس طيلة حياته ، وقام بالدرس نيابةً عنه عمُّه الشيخ أحمد المراد ، وولدُ عمه الشيخ عبد العزيز رحمهما الله ، ثم بعد وفاتهما انتقل الدرس رسمياً إلى الشيخ محمد علي المراد الثاني .
وكان الشيخ محمد ظافر يخرج إلى القرى كثيراً لكثرة أصحابه وأحبابه فيها منذ زمن والده ، فكان يتردد إليهم ليفيدَهم ويحلَّ مشكلاتهم ، وكان يدرس لهم ويفتيهم ، ويقوم بعمل المناسخات وحصر الإرث ، وقسمة الأراضي حسب الشرع والقانون للأراضي الأميرية ، ولفقهه وورعه وتقواه كان الشيخ محمد الحامد يمر ببابه ، ويقف معه ويتباحثان بعض المسائل الفقهية ، ولشدة محبتهما لبعض أوصى الشيخ محمد الحامد أن يغسله الشيخ محمد ظافر المراد .
أخلاقه وصفاته :
اشتهر الشيخ محمد ظافر بمحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكثرةِ الصلاة عليه ، وكذلك الأورادِ الكثيرة والذكرِ وقراءةِ القرآن والتهجدِ والنوافلِ ، وكان متصفاً بصفة الحياء ، كريماً يكرم الضيفان ، ويصنع القهوة المُرَّة بيده من تحميصٍ ، ودقٍ في ” المهباج ” وطبخها ، وخدمتها التي تستغرق وقتاً طويلاً ، وكان بيته لا يخلو من الضيوف ليلاً ونهاراً ، وأكثرهم من أهل القرى والبادية ، وكثيراً ما كان يقيم مأدبة الغداء أو طعام الإفطار في رمضان أو طعام الإفطار في صباح يوم العيد ويدعو إليها العدد الكبير من الفقراء والمحتاجين والمحرومين ، بالإضافة إلى الأقارب ، وكان يتفقد أقاربه المحتاجين وجيرانه وخاصة الفقراء منهم ، فكان إذا طُبخ عندهم الطعام فلابد أن يوزَع منه للجيران المحتاجين ، وخصوصاً إذا كان الطعام يكلِّف ، ولا يستطيع الفقراء أن يحصلوا عليه ، فكان يُصَبُّ لكل الجيران في الحارة ، وكان كثير الصلة لأرحامه وأقاربه ، باراً بهم ، عطوفاً شفوقاً على أولاده وأحفاده وأولاد إخوته وأخواته ، لذلك لا تجد أحداً إلا ويحبه ، وكان حريصاً على أن يطعم الطيور والعصافير ، فكان يشتري كميات كبيرة من الذرة البيضاء ويطعمها لهم ، ويسقيهم الماء ، وذلك في كل يوم ، كان وجهه يتلألأ نوراً وضياءً ، فإذا جلس إلى مائدة الطعام تراه يتصبَّب عرقاً كحبات اللؤلؤ ولو كان الجو بارداً ، وكان عَشاؤه بعد المغرب فإذا أذن العِشاء صلى العِشاء ونام مبكراً ، ثم استيقظ في منتصف الليل لصلاة التهجد، وكانت له حلقة لقراءة القرآن الكريم بعد صلاة الفجر لأولاده وبناته وبعض أحفاده وحفيداته ، يقرأ ويعلمهم ، ويقرؤون ويصحح لهم ، وقد هيأ الله له زوجة صالحةً كريمةً بنت كرامٍ وافقته بكل أفعاله ولم تخالفه في شيء وهي أم عدنان الحاجة سارة بنت الحاج محمود السلوم شيخ قرية الخالدية القريبة جنوباً من حماة ، وقد ورثت عن أبيها أموالاً وأراضٍ ، فكانت حينما تأتيها الغلة لا تنسب شيئاً إلى نفسها ولا إلى أهلها ، بل تقول هذا من أبي عدنان ، وقد رزقه الله منها أربعة ذكور وهم : محمد عدنان ، ومحمد رضوان ، ومحمد إحسان ، ومحمد غسان المراد ، وست إناث .
إجازاته العلمية :
أجازه والده الشيخ محمد علي وعمه الشيخ أحمد المراد بكل ما أجيزا به ، وبكل إجازات والدهما الشيخ محمد سليم المراد .
وفاته :
توفي الشيخ محمد ظافر المراد فجر يوم السابع عشر من شهر رمضان لسنة 1389 هـ – 1969 م ، وغسل في بيته ، وصلي عليه في الجامع الجديد ، ودفن في مقبرة باب البلد بجانب والده وعمه وجده ، رحمه الله رحمة واسعة .
كاتب الترجمة : محمد ميسر المراد