الشيخ محمد سيادي المراد
الشيخ محمد سيادي بن الشيخ أحمد المراد
ت / 1397 هـ – 1977 م
ولادته ونشأته : ولد الشيخ محمد سيادي في حماة سنة / 1328 هـ / 1908م نشأ في بيئة علمية متدينة ، فهو ابن العالم الفقيه الورع التقي الزاهد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد سليم المراد .
طلبه العلم : ابتدأ طلب العلم في سنٍّ مبكرةٍ على يدي والده الشيخ أحمد ، وعلى أخيه الشيخ عبد العزيز ، ثم دخل مدرسة دار العلوم الشرعية في حماة ، وتلقى العلم عن أساتذتها – وكانوا أكابر علماء حماة في ذلك الوقت – وعلى رأسهم الشيخ محمد توفيق الصباغ الشيرازي مدير المدرسة ، وبعد أن نال شهادتها ذهب إلى المدرسة الخسروية في حلب ، وتلقى العلوم الشرعية المختلفةَ على شيوخها الأكارم الأكابر ، أمثال : الشيخ أحمد الكردي مفتي الحنفية ، والشيخ أحمد الزرقا ، والشيخ عيسى البيانوني ، والشيخ أسعد العبجي مفتي الشافعية ، والشيخ إبراهيم السلقيني ، والشيخ محمد الناشد ، والشيخ راغب الطباخ ، والشيخ أحمد الشماع ، والشيخ فيض الله الأيوبي الكردي ، والشيخ عبد الله حماد .
بعد أن نال شهادتها تيسر له أمر الذهاب إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف فدخل كلية الشريعة ، ثم نال الشهادة العالمية متخصصاً بالقضاء الشرعي على أيدي شيوخها الأفاضل أمثال : الشيخ مأمون الشناوي ، والشيخ يوسف السنهوري ، والشيخ عيسى منون ، والشيخ إبراهيم حمروش ، والشيخ محمد الجمل ، والشيخ محسن أبو دقيقة ، والشيخ محمد السايس ، وكان على رأسهم في حينها الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر ، وكان يتردد على كثير من العلماء أمثال : الشيخ يوسف الدجوي ، والشيخ مصطفى أبو سيف الحمامي ، والشيخ محمد زاهد الكوثري ، والشيخ الشنقيطي ، وغيرهم من العلماء الأجلاء ، ولما انتهى من مصر وعاد إلى بلده حماة لم يمكث إلا برهة يسيرةً عُيِّن بعدها في القضاء الشرعي ، وأول بلدة عُين بها هي الحسكة وكان ذلك عام / 1943 م ، وبعدها بسنة تقريباً تزوج ابنة الشيخ محمد محاسن الأزهري نقيب أشراف اللاذقية رحمه الله ، وأنجب ستةً من الأولاد اثنين من الذكور ، وأربعاً من الإناث ، ثم ما زال يتنقَّل بوظيفته في المدن والبلاد حتى طاف أكثر محافظات سورية ، وانتهى به المطاف في آخر الأمر إلى دمشق ، حيث انتقل من وزارة العدل إلى وزارة الأوقاف ، وعين مديراً للتعليم الشرعي في سورية ، وعلى إثر ذلك انتقل بأسرته إلى دمشق واستوطنها .
علمه وأخلاقه وصفاته : كان رحمه الله عالماً جليلاً ، وفقيهاً حنفياً كبيراً بالفروع والأصول ، واسع الاطلاع في الحديث والتوحيد والتفسير وخصوصاً آيات الأحكام ، إلى غير ذلك من العلوم الشرعية المختلفة ، وكان خطيباً بارعاً ، ومرشداً وموجهاً وداعياً إلى الله بحاله ومقاله ، وكان من الذاكرين الله كثيراً ، ومن المستغفرين بالأسحار ، الحريصين على آداب السلوك والحفاظ على السنة ، وقد امتاز بروحٍ طيبةٍ ، ونفسٍ متواضعةٍ ، وأخلاقٍ عاليةٍ رضيةٍ ، وأدبٍ جمٍّ ، وكرمٍ وسخاءٍ مع دماثةٍ ولينِ جانب ، وكان صلباً في الحق يقرع الحجة بالحجة ، يحب لله ويكره لله ، سليمَ الظاهر طاهرَ السريرة ، يحب أهل الخير والسماحة والصفاء ، ويكره أهل المكر والحقد والخبث والالتواء ، لسانُ حاله أبلغ من لسان مقاله ، وكان صادقاً في حديثه باراً رحيماً بإخوانه وأولاده وأهل بيته ، بعيداً عن التكبر والتجبر ، عبداً لله حقاً ، من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ، والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً .
وفاته : كان من عادته أن لا يقضي عيدي الفطر والأضحى إلا في حماة مع الأهل والأقارب ، ففي أول يوم من أيام عيد الأضحى لسنة / 1397 هـ ، وبعد أن صلى العيد إماماً وخطب خطبة العيد في الجامع الجديد ، ذهب وبمعيته كل أفراد العائلة لزيارة ومعايدة الأقارب والأحباب – وكأنها زيارة مودِّع – ، وفي اليوم الثاني أي في يوم الوفاة ذهب إلى مدينة حمص وزار وودع أصحابه وأحبابه ، وعاد إلى حماة ، وعند أذان العصر وبعد دخوله إلى البيت بدقائق وقف ليتوضأ للصلاة ، فاضت روحه إلى بارئها فجأة بدون سابق إنذار من مرض أو غيره ، وذلك في يوم الاثنين ثاني أيام عيد الأضحى الحادي عشر من شهر ذي الحجة سنة / 1397 هـ الموافق ليوم 21 تشرين الثاني / 1977 م ، وغُسل في بيت أخيه الشيخ عبد العزيز ، وصُلِّي عليه في الجامع الجديد ، وألقيت بعض الكلمات في وداعه بعد الصلاة عليه ، ودفن في مقبرة الخضراء بحماة.
_____________________________________________________________________
كاتب الترجمة: محمد ميسر المراد